يسعى كتاب د. ماجد حاج محمد الموسوم (صورة العالَم الآخر روائيّاً/"تسعة عشر" لِـ "أيمن العتوم" نموذجاً) إلى تقديم رؤية نقديّة جديدة في تحليل الفضاء السرديّ لهذه الرواية، بما أتيح له من أدوات منهجيّة اجتهدت في مقاربة نصّ روائيّ منتخَب بوعي ودراية وقصديّة، وهو نموذج لتقديم العالَم الآخرويّ بأسلوبيّة جديدة تمزج الواقع بالمتخيّل، والرؤيويّ بالاعتقاديّ، والمرجعيّ بالأسطوريّ، لذا غامر الباحث في كتابه النقديّ هذا بقراءة الرواية على وفق الكشوفات الجديدة في الدرس النقديّ الحديث من جهة، وبثّ رؤيته القرائيّة الخاصّة كلّما وجد سبيلاً إلى ذلك من جهة أخرى؛ في سياق مراجعة مستمرّة للأصول والمقولات المركزيّة.
اقتصد الباحث في رصد الظواهر السرديّة والموضوعاتيّة التي تشكّلت منها الرواية لأجل السيطرة على حساسيّة الحراك النقديّ، والتركيز على مفاصل أكثر حضوراً وتبنيناً في الجسد السرديّ للرواية، لذا قارب موضوع "العتبات" وما يتّصل بها من فضاءات سيميائيّة لها علاقة بجوهر المقولة السرديّة في الرواية، وعرّج على فضاء المرجعيّات بمختلف أشكالها كي يعطي صورة التأسيس للمقولات النصيّة ومجالاتها ومحاورها الرئيسة، كما تناول مفهومات سرديّة مركزيّة لها تأثير واضح في بنية الرواية وحساسيّة تشكيلها مثل موضوع "التبئير" بأشكاله المختلفة. وكان لا بدّ في هذا الإطار المنهجيّ والأسلوبيّ والتشكيليّ أن يتناول الفضاء الأسطوريّ الماثل في النصّ الروائيّ؛ والمهيمن على حراكه السرديّ من عتبة العنوان إلى آخر طبقة من طبقاته، لتحقّقَ الرؤيةُ المنهجيّةُ ذات الطبيعة البحثيّة والنقديّة ما وسعها من طاقةِ برهنةٍ على فرضيات البحث ومتطلّباته وقضاياه، في سياق لغة بحثية رصينة تمخّضت عن نتائج واضحة في إدارة فعاليّات التحليل وتوجيهها على النحو المطلوب.
أ.د محمد صابر عبيد