يُعدّ أثير الدين الأبهريّ أحدُ البارزين في عصره، القرن السابع الهجريّ. وهو منطقيّ وفيلسوف ومنجّم ورياضيّ، وقد كان فيلسوفًا مشاركًا في كثيرٍ من أنواع العلوم العقليّة كالحكمة -أي: العلم الإلهيّ-، والمنطق، والجدل، والكلام، وعلم الهيئة، والرياضيّات، وعلوم الطبيعيّات وغير ذلك من العلوم.
يتكوّن تنزيل الأفكار من ثلاثة علوم هي: المنطق والعلم الإلهيّ وعلم الطبيعة، ويحاول الأبهري في هذا الكتاب تقديم فلسفة منقحّة واضحة لابن سينا، حيث يواجه الأبهريّ علم الكلام من خلال الرازي (ت. 606هـ/ 1210م)، وفلسفة الإشراق من خلال شهاب الدين السهرورديّ المقتول (ت. 587 هـ/1191م)، كما واجه الفلسفة المشّائيّة من خلال الحكماء، وركّز الأبهريّ على تقديم فلسفة ابن سينا بالتعديل والتنقيح مع مراعاة اعتراضات هذه المذاهب.
ويقومُ الأبهريّ في تنزيل الأفكار أحيانًا باختيار فكرٍ مخالفٍ لآراء ابن سينا، وتارة يوافقُ الرازي والسهروردي ويجدُهم على حقّ في موضوع؛ لكنّه أحيانًا يختلفُ عنهم من حيث البنية المنهجيّة، ومع ذلك فإنّ الأبهري لم يترك فلسفة ابن سينا ولم ينضمّ إلى مذهب آخر؛ وإنّه ببساطة يبحثُ عن إمكانيّة وجود فلسفةٍ نقيّةٍ منقّحةٍ أصيلة، ويودّ أن يجسّد ذلك بتصانيفه.