يهدف هذا الكتاب إلى محاولة إظهار جوانب النظر المختلفة بين الأصوليِّين والمحدِّثين في قضايا نقد الأخبار، بحيث يمكن فهم المنهج النقديّ أو الطريقة النقديّة التي سار عليها الأصوليُّون أو بعضُهم في الحكم على الحديث قبولاً أو ردّاً، مع البحث في مفهوم القبول والرّدِّ نفسه، ومواضع الاتفاق والافتراق بين نظرهم ونظر المحدِّثين، وهو الأمر المهمّ إبرازُه في عالم تطغى فيه الحداثة التي تَتّسِمُ بسيولة العِلم مع صعوبة فكِّ الاشتباك بين جهات نظر العلوم المختلفة في القضيّة ذاتها.
ولتحقيق ذلك، اشتمل هذا الكتاب على سبع دراسات علميّة، اهتمَّت كلُّ دراسة منها ببحث هذا الموضوع من إحدى جزئيّاته، فحيث عُني بعض هذه الدراسات ببحث إشكاليّة العلاقة بين المحدِّث والفقيه في نقد الحديث من جهة نظريّة، عُنيت دراساتٌ أُخَرُ ببحثها من جهة تطبيقيّة، وحيث كانت أكثر الدراسات في هذا المجال معنيّةً بنقد الأصوليِّين لأحاديث الأحكام، قصَدَت إحداها إلى فتح آفاق بحثه في غير أحاديث الأحكام، وحيث كانت طريقة الأصوليِّين النقديّة أعمَّ من أن تنحصر في جهود الفقهاء منهم، تخصَّصت إحدى دراسات هذا الكتاب ببحث نقد الأخبار عند المعتزلة، لتتكاملَ في آخر الأمر في تقديم أطروحة علميّة مهمّة في هذا السياق، مع احتفاظ كلِّ دراسة منها بخصوصيّتها وأطروحتها التفصيليّة.